البياض الدقيقي وأثره في الأمن الغذائي والتخطيط الزراعي
Share |
2025-06-02
البياض الدقيقي وأثره في الأمن الغذائي والتخطيط الزراعي

 

م.م. سجى وليد عاشور

تخصص وقاية امراض النبات

مركز دراسات الصحراء ـــ قسم الزراعة الحافظة

 

مقدمة:

البياض الدقيقي ينتج عن عدة أنواع من الفطريات، وأكثرها شيوعاً هي Erysiphe spp و Podosphaera spp. يُعد البياض الدقيقي من أبرز الأمراض الفطرية التي تصيب العديد من المحاصيل الزراعية ويشكل تهديداً فعلياً لإنتاج الغذاء وجودته، مما يؤثر بدوره على الأمن الغذائي العالمي. ينتشر المرض في العديد من البيئات الزراعية خاصة في المناطق الدافئة والرطبة، ويصيب عدداً كبيراً من النباتات مثل العنب والبندورة والخيار والقرعيات وبعض أشجار الفاكهة، حيث تظهر أعراضه على شكل بقع بيضاء مسحوقية تغطي الأوراق والسيقان وأحياناً الثمار. تكمن خطورة هذا المرض في انتشاره السريع وسهولة انتقاله عبر الرياح، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة للمزارعين نتيجة تراجع المحصول كما ونوعاً, ولهذاً يعتبر البياض الدقيقي أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الزراعة المستدامة، إذ يتطلب مواجهته استخدام استراتيجيات وقائية وعلاجية فعالة، سواء من خلال المكافحة الكيميائية أو البيولوجية أو عبر تحسين الممارسات الزراعية.

ينمو البياض الدقيقي جيدًا في البيئات ذات الرطوبة العالية ودرجات الحرارة المعتدلة, وتوفر البيوت المحمية (Greenhouses) بيئة رطبة ومعتدلة مثالية لانتشار المرض مما يسبب ضرراً للممارسات الزراعية والبستانية، تُعد التغيرات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة وفترات الجفاف الطويلة من العوامل التي تعزز من انتشار البياض الدقيقي، حيث تُوفر هذه الظروف بيئة مناسبة لنمو وتكاثر الفطريات المسببة للمرض، مما يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة ويهدد الإنتاج الزراعي.

 

 

أثر البياض الدقيقي على الإنتاج الزراعي:

يتسبب البياض الدقيقي في تقليل كفاءة عملية البناء الضوئي للنبات، مما يؤدي إلى ضعف في النمو وتقليل الإنتاجية. وتُعتبر المحاصيل الحساسة لهذا المرض أكثر عرضة للتلف السريع، الأمر الذي يستدعي التدخل العاجل بالمبيدات أو تقنيات المكافحة المتكاملة كما أن الضرر لا يقتصر على كمية الإنتاج بل يمتد إلى جودة المنتج مما قد يعيق تسويقه محليا أو تصديره خارجياً. كما أن الاعتماد الكبير على المبيدات الكيميائية في مكافحة هذا المرض يشكل خطراً على البيئة وصحة الإنسان، لذا أصبح الاتجاه نحو استخدام المكافحة الحيوية والطرق المستدامة أكثر أهمية من أي وقت مضى.

 

صور توضيحية لأوراق نباتات مصابة بمرض البياض الدقيقي

 

أهمية المكافحة المستدامة:

في ظل التوجه العالمي نحو الزراعة المستدامة، بات من الضروري اعتماد أساليب متكاملة لمكافحة البياض الدقيقي، مثل:

ü    استخدام الأصناف المقاومة.

ü    تحسين التهوية والري بالتنقيط لتقليل الرطوبة.

ü    استخدام المبيدات الحيوية ومضادات الفطريات العضوية.

ü    إدارة المزرعة بشكل دوري لتجنب تراكم العدوى. 

تساعد هذه الإجراءات في تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية، وتُسهم في الحفاظ على صحة التربة والتنوع البيولوجي، كما تُعزز من قدرة المزارعين على الاستمرار في الزراعة دون خسائر موسمية متكررة.

 

الخاتمة:

 يمثل مرض البياض الدقيقي تحدياً رئيسياً في طريق تحقيق الأمن الغذائي ويتطلب استجابة علمية وزراعية متكاملة. فاعتماد المكافحة المستدامة لهذا المرض يساهم في خفض التكاليف والحفاظ على صحة البيئة وزيادة الإنتاجية وضمان جودة المنتج الزراعي, ومن الضروري أن تقوم السياسات الزراعية بدعم المزارعين في هذا الاتجاه من خلال تقديم الحوافز وتطوير برامج الإرشاد الزراعي إلى جانب الاستثمار في البحث العلمي لتطوير أصناف مقاومة وفعالة على المدى الطويل.

References


1. Agrios, G. N. (2005). Plant Pathology (5th ed.). Elsevier Academic Press.

2.  Horst, R. K. (2013). Westcott's Plant Disease Handbook. Springer.

3. FAO. (2021). Integrated Pest Management (IPM) Guidelines. Food and Agriculture Organization of the United Nations.

4. Elad, Y., Pertot, I., Prado, A. M. C., & Stewart, A. (2016). Plant pathogens and disease management in organic agriculture. Annual Review of Phytopathology, 54, 443-464.

5.  EPPO (European and Mediterranean Plant Protection Organization). (2020). PM7/32 (3) Powdery Mildew. https://www.eppo.int

 

 
عدد المشاهدات : 43